الاثنين، 24 مارس 2014

الصداقه وقصه صقر جنكيز خان

حكي الأسطورة أنه كان لجنكيز خان صقر عزيز على قلبه جدا، لأنه كان مثالا للصديق الصادق الذي يلازم ذراعه دائما، فيقنص به، ويطلقه على أعداءه. ويحكى أن جنكيز خان خرج يوما في الخلاء هو وصقره، فانقطع بهما المسير، واشتد بجنكيز خان العطش فأراد أن يشرب، فوجد ينبوعا في أسفل جبل، فملأ كوبه بالماء، وحينما أراد أن يشرب، فإذا بصقره ينقض على الكوب فيسكبه. وكلما أعاد جنكيز خان الكرة، عاود الصقر انقضاضه على الكوب ليريقه. ومع تكرر الأمر، استشاط جنكيز خان غضبا فضرب صقره بالسيف ضربة واحدة فقطع رأسه، وما أن رأى ذلك وأدرك فعلته، حتى شعر بالألم الشديد يعتصر قلبه فأحس بالندم، وحين صعد إلى أعلى الجبل وجد في منبع الماء حية كبيرة ميتة، وقد سال منها السم في الماء، وحينها أدرك أن صديقه كان يريد منفعته، لكنه لم يدرك ذلك إلا بعد فوات الأوان.
أعرف بأنها قصة “طفولية” بعض الشيء، و”قوية” جدا على معيار الرائع سعد الفرج في مسرحية “حامي الديار”، لكن، وبرجائي لكم بغض النظر عن هذا، فالعبرة التي أريد الوصول إليها هي أن الصديق يجب أن يظل صديقا مهما فعل ما لا يعجب.
لكن المشكلة الكبرى في ظني، هي أن أغلب الناس يعانون من عدم القدرة على التمييز ما بين الناس من حولهم، وضعف القدرة على معرفة من هم من يستحقون أن تطلق عليهم صفة الأصدقاء ومن لا يستحقون ذلك، فتراهم يقعون في خلط شديد ما بين الأصدقاء الحقيقيين، وما بين الزملاء والمعارف السطحيين مثلا، ويتعرضون تبعا لذلك لكثير من الإحراجات والمواقف المؤلمة بل والصدمات النفسية، وذلك عندما يفاجئون بأن من اعتبروهم أصدقاء لهم لا يعتبرونهم كذلك، أو لا يستحقون ذلك.
لهذا، فقبل أن يصل الإنسان إلى مرحلة الثقة التامة بصديقه، وهو المراد في قصة جنكيز خان وصقره، والاطمئنان التام له، يجب أن يكون واثقا تمام الثقة من أنه أحسن الاختيار في المقام الأول، وأن هذا الصديق يستحق أن يسمى صديقا ويستحق أن يتم نقله من مرتبة الزميل مثلا إلى مرتبة الصديق القريبة من النفس والراقية جدا.
في كتابه القديم، الجديد دائما، “حياة في الإدارة”، يتحدث د. غازي القصيبي عن شيء من هذا، فيقول ما معناه بأنه لا ملامة على أحد اعتبرناه صديقا لنا حين لا يتصرف معنا بمقتضى هذه الصداقة، من وفاء وإخلاص وما شابه، لأن الخطأ ليس خطؤه في المقام الأول، وإنما الخطأ خطؤنا نحن الذين أسأنا التقدير وأسأنا الاختيار، فاعتبرنا من لم يرتق لمرتبة الصداقة صديقا لنا. ويضيف ما معناه بأن الناس من حولنا يجب أن يظلوا على مراتب وكأنهم في دوائخلفيات صقور 2013 - اجمل صور صقور لسطح المكتب 2013 - خلفيات صقور جديده 2013ر متداخلة في البعد والقرب منا، وكلما ضاقت الدوائر واقتربت منا فالمفروض أن من يسكنون فيها يقلون، لأنها لا تتسع إلا لعدد قليل من الأشخاص الذين يمكن أن نعتبرهم أصدقاء حقيقيين لنا
إدراك هذه المعاني الدقيقة مهم جدا لاستقرار الإنسان نفسيا في علاقاته الاجتماعية، وأولئك الذين يعانون من اختلال هذه المعاني وعدم وضوحها جدا أمام ناظرهم، هم الأكثر تعرضا للألم، وهم أغلب الذين يعانون دوما من الفشل في العلاقات الاجتماعية.//

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق